ألحرية التي يهبها المسيح تفوق كل نوع آخر من الحرية الموجودة في هذا العالم
من عظة للقس دارل لي
كيف تبدو الحرية بالنسبة لك؟ كلمة الحرية تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين. نحن الذين نحيا في أميركا نحتفل بعيد الحرية في الرابع من شهر يوليو/تموز حيث نتطلع إلى ذلك التاريخ عام 1776 عندما أعلن ألآباء المؤسسون لوطننا أن المستعمرات الثلاثة عشر مستقلة عن التاج البريطاني. لقد إعتبروا أن هذا الوطن الجديد يحكم نفسه ألآن وشعروا أن الله قد منحهم هذا الحق معتبرين ألإستقلال عن الحكم البريطاني كحرية كاملة.
ألحرية بالنسبة للأخ بوتوفان والعائلة كانت نعمة وتقديرا عميقا عندما وصلوا إلى بورتلاند, أوريغون في الخامس عشر من شهر يوليوعام 1979. جاؤوا إلى ألكنيسة حيث كان ألإجتماع السنوي منعقدا. أدهشتهم الحرية التي كان المجتمعون يتمتعون بها. ألحرية من ألإضطهاد الذي كانوا يعيشونه في رومانيا الشيوعية. كانت لديهم وجهة نظر مختلفة عن الحرية التي لا نقدٍرها نحن الذين لم نعش في ظل هذا النوع من النظام.
كان ألأخ كريس يُحَقٍق حلما نشأ قبل أربعين عاما عندما أعطاه أحدهم مجلة "نور الأمل" التي كانت تنشرها هذه الكنيسة والتي تضمنت صورة للعلامة "يسوع نورالعالم". بعد الهجرة إلى أميركا بقيت العائلة لفترة وجيزة في شيكاغو, إللينوي. من هناك جاء ألأخ كريس إلى بورتلاند, أوريغون حيث رأى العلامة التي كان قد رآها في رومانيا منذ سنوات عديدة. عاد إلى شيكاغو, ليعود مع زوجته وأولاده السبعة في سيارة بونتياك ستيشن واغن إلى هنا.
في طريقهم عندما كانوا يتوقفون في مناطق الراحة, كانت القهوة متوفرة ومجانا. عندما إلتقى الناس هذه العائلة التي لا تستطيع التحدث باللغة ألإنكليزية, كانوا يقَدٍمون لهم وجبات مجانية. وعندما تعطًلت سيارتهم ووصلوا إلى مكان لتصليحها, رفض الميكانيكيون أن يأخذوا منهم أي أجرة عمل. كان هناك فندق قريب حيث تمً منحهم إقامة بدون تكلفة وتمً إطعامهم مجانا أيضا. كان فرحهم عظيما جدا فقالوا نحن نحب أميركا فكل شئ مجانا.
في رومانيا كانت العبادة منظًمة بشكل صارم. إذا كان يُسمح للكنائس بالعبادة فقط مرة او مرتين في ألاسبوع وذلك تحت سيطرة الحكومة. في ألإجتماع السنوي هنا كانت هناك ثلاث خدمات في اليوم الواحد. ولم يحتاج الوعاظ إلى إذن من الحكومة للتكلم عن كلمة الرب. كانوا أحرارا.
في السنوات اللاحقة جاءت عائلات أخرى من أوروبا الشرقية للعبادة معنا في بورتلاند, وحتى يومنا هذا يبقى الكثير منهم في كنيستنا يتمتعون بحرية الولايات المتحدة ألأميركية. نحن نقدٍر مثلهم الحقوق وألإمتيازات التي نتمتع بها بما في ذلك بركات حرية العبادة ومع ذلك من الممكن أن نعيش في أمًة حرة ولا نكون بالفعل أحرارا حقا.
مؤخرا تمكن سجينان في مؤسسة أمنية قصوى في نيويورك من إختراق جدران زنزنتهما وعبر ممر إلى فتحة خارج جدران المنشأة فرًا من سجنهما. هل يمكنك تخيُل الوقت والتخطيط الذي قاما به لتحقيق ذلك؟ كان لديهما هدف واحد... الهرب إلى الحرية. زحفا أربع مئة قدم داخل ألأنبوب وإقتربا من غطاء الفتحة. لا شك في أنهما ظنًا أنهما حقًقا هدفهما تقريبا, حران تقريبا. لكن فرحتهما كانت قصيرة المدى. مشاكلهما بدأت فورا إذ أن السيارة التي كان من المفروض أن تكون بإنتظارهما, لم تكن هناك والمحاولة لم تنته بشكل جيد. كانا يفكران الهرب من هذا السجن حرية ولكن ما عاناه لم يكن حرية حقيقية.
في الفصل السادس عشر من أعمال الرسل نجد الرسولان بولس وسيلا أسرى في السجن. لكنهما كانا في الواقع أحرارا. سجانهما الذي كان يعتقد أنه حرا, كان في الواقع أسيرا. كلمات الرسولان أسفرت عن خلاص السجان وبيته إذ قالا له "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال الرسل 16:30). الحرية الحقيقية هي الخلاص من الخطيئة والعلاقة مع الله التي تجلب السلام حتى في أحلك ساعات الحياة.
لو سألت السجان ذلك الصباح ما هي الحرية؟ يقول لك الحرية هي أن تكون المسؤول عن ألأسرى. إنهما في السجن الداخلي وأرجلهما في المقطرة, لا يمكنهما الذهاب وألإياب كما يشاءان. أنا يمكنني أن أفعل ذلك ومع ذلك كان هذا السجان أيضا في السجن وكان أسيرا ولم يعرف ذلك.
إذا سألت الرسولان كيف تبدو الحرية لهما؟ إجابتهما ستكون مختلفة تماما عن إجابة السجان. الرسول بولس أمر الروح الشرير أن يخرج من إمرأة عرافة بإسم يسوع المسيح ولذلك أخذ الرسولان أمام الولاة فضُربا بالعصي وألقيا في السجن. ظهراهما كانا ينزفان وأرجلهما في المقطرة ومع ذلك كانا يصليان ويرنمان بتسابيح للإله الحي. كانا يتمتعان بالسلام والنصر. هكذا تبدو الحرية الحقيقية.
"ونحو نصف الليل كان بولس وسيلا يصليان ويسبحان الله والمسجونون يسمعونهما. فحدث بغتة زلزلة عظيمة حتى تزعزعت أساسات السجن. فإنفتحت في الحال ألأبواب كلها وإنفكًت قيود الجميع. ولما إستيقظ حافظ السجن ورأى أبواب السجن مفتوحة إستلً سيفه وكان مزمعا أن يقتل نفسه ظانا أن المسجونين قد هربوا. فنادى بولس بصوت عظيم قائلا لا تفعل بنفسك شيئا رديا لأن جميعنا ههنا" (أعمال الرسل 16:25-28).
ألخطيئة تؤذي وتُدمٍر. بعض الناس يترددون بتسليم قلوبهم للرب إذ أنهم يعتقدون أنه سيفسد حياتهم. هذا صحيح لأنه سيحول حياتهم بالكامل للخير. لم يأت يسوع ليدَمٍر بل ليخلص وينقذ. كان بإمكان بولس وسيلا أن يضيفا: "أنت يا سيد السجان ألا يمكنك أن ترى أن الخطيئة تؤذيك؟ عليك أن تتحرر". هذا هو ما يفعله الخلاص.
على الرغم من أنهما لم يقولا له هذه الكلمات, ألا أنهما أخبراه بما يجب أن يفعل عندما خرً أمامهما وهو مرتعد وقال: يا سيديً ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟ فكلماه بكلمة الرب. نقرأ: فأخذهما في تلك الساعة من الليل وغسًلهما من الجراحات وإعتمد في الحال هو والذين له أجمعون ولما اصعدهما إلى بيته قدًم لهما مائدة وتهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله.
ألخلاص يغيٍر ألإنسان. عندما ألقى السجان بولس وسيلا في السجن الداخلي وضبط أرجلهما في المقطرة, ليس لدينا أي دليل أنه كان مهذبا أو لطيفا. ربما لم يكن لديه أي إهتمام بالمسيح يسوع, ورغم ذلك عندما كان يواجه الموت لأنه إفترض أن السجناء قد هربوا, تغيًر كل شئ. جثا على ركبتيه أمامهما طالبا النجدة.
مثل هذا السجان نحن بحاجة أن نعطي قلوبنا للرب يسوع. الكتاب يقول : من أراد أن يخلص نفسه يهلكها, ومن يهلك نفسه من أجلي ومن أجل ألإنجيل فهو يخلصها. مرة أخرى أقول علينا ان نضع حياتنا كليا في يد الرب. لا يتفاوض الغريق مع الشخص الذي يحاول إنقاذه. هو في الماء تتقاذفه ألأمواج موقنا أن حياته قد إنتهت, ولكن عندما يرمي شخص ما حبلا ليتعلق به, لا يقول أنا لاأحب هذا الحبل, أريد حبلا مختلفا, لكنه يمد يده بكل ما بقي له من قوة فيمسك هذا الحبل لكي ينجو من الغرق.
يواجه الخطاة الذين لم يطلبوا الخلاص بعد وضعا أكثر خطورة من الموت الجسدي. إنهم يواجهون أبدية مفقودة.على كل إنسان لم ينل الخلاص بعد أن يصرخ يا رب ساعدني, أريد أن أنال الخلاص وأكون حرا. باب الخلاص لا يزال مفتوحا للجميع. بولس وسيلا قالا للسجان "آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك". الخلاص لن يفيدنا فقط بل سيفيد ألآخرين وسوف نجد أن قرارنا هذا سيفيد عائلاتنا وشركاءنا أيضا.
أستطيع أن أتصور ذلك السجان على أنه رجل مشاكس قبل أن تتغيًر حياته. عندما غادر المنزل إلى العمل لم تكن زوجته بشوق لرؤياه عندما يعود. ربما أولاده أيضا لم تكن لهم راحة بوجوده في البيت وينتظرون ذهابه لترتاح قلوبهم. لم يتوقعوا ما رأوه عندما عاد إلى المنزل تلك الليلة - لأنه كان قد تغيًر. لم يأت وحده بل برفقة جماعة وعلى وجهه إبتسامة وعلى لسانه وعدٌ بأن ألأمور لن تكون كما كانت من ألآن فصاعدا. لقد خلًصه يسوع وصار إنسانا جديدا. يمكننا أن نفترض ذلك لأنه من الواضح أن السجان القديم الوعر أصبح ممرضا لبولس وسيلا حنونا ورؤوفا. وقبل أن تنتهي تلك الليلة كانت العائلة بجملتها قد نالت الخلاص والمعمودية.
الخلاص يغيرك للأفضل والخلاص يتكلم عن حالة الروح. جسديا قد تكون شابا قويا ومعافى أو قد تكون أكبر سنا, واهنا وضعيفا. في كلتا الحالتين سيجعلك الخلاص كاملا ومعافى. سيجعلك ما تريد أن تكون ولكن لا يمكن أن يحدث ذلك بدون مساعدة الرب.
ألخلاص يُحرر من الخطيئة. السجان الذي غادر منزله وذهب إلى العمل أسيرا, عاد إلى بيته حرا. ربما تكون هذه شهادتك, وما أجملها. لستَ مرغما أن تعيش حياة الهزيمة وألإدانة وأن تذهب إلى الفراش ليلا بضمير مذنب وتتساءل لماذا أعيش بهذه الطريقة التي أعيشها؟ باب الخلاص مفتوح للجميع ويمكنك أن تكون حرا طليقا ألآن وأنت تقرأ هذه الكلمات. الكتاب المقدس يقول: "إن حرًركم ألإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا" (إنجيل يوحنا 8:36).
كيف تبدو لك الحرية؟ تبدو كرجلان قادران أن يصليا ويسبحان الله رغم أنهما في السجن وأرجلهما في المقطرة. تبدو كسجان حر. سجان مختلف وعائلة سعيدة تأثرت بتغيير حياة هذا السجان. الحرية هي ضمير طاهر ونقي. الحرية هي سلام مع الله. الحرية لا تخاف ألموت. الحرية أن تعرف أن السماء وشوارع الذهب تنتظرك. الحرية هي ألأمل في لقاء ألأحباء الذين سبقونا إلى ألأمجاد السماوية. الحرية أن تتطلع بشوق إلى ألإختطاف - تلك اللحظة التي سنفقد فيها الجاذبية ونلتقي الرب في الهواء. الحرية أن نخلع هذا الجسد الفاسد وأن نلبس الجسد الجديد.
ألحرية يمكن أن تكون لك اليوم!
دارل لي هو المشرف العام على عمل ألإيمان الرسولي وراعي كنيسة المقر في بورتلاند, أوريغون