يوجد مثال عن المسامحة في حياة كوري تن بوم. وألأسطر التالية مأخوذة من مجلة Guideposts شهر نوفمبر وعام 1972:
عاشت كوري تن بوم خلال أيام إبادة اليهود أو الهولوكست, وعانت الرعب والخوف ولكنها خرجت منتصرة. لقد إختارت أن تساعد اليهود عن طريق إخفاءهم في منزلهم ممَا أسفرَعن هلاك العائلة بأسرها على أيدي النازيين. بعد الحرب سافرت وتكلمت مع ألآلاف عن خبراتها وتجاربها وعن هبة الله للمغفرة والخلاص.
في إحدى ألأمسيات بعد أن أنهت عظتها, رأت الضابط المسؤول عن تعذيب وموت أختها بيتسي واقفا أمامها. كانت هذه المرة ألأولى منذ إطلاق سراحها, تواجه وجها لوجه أحد خاطفيها. شعرت بأن دمها قد تجمًدً. أخبرها أنه كان حارسا في رافينزبرك ولكنه ألآن أصبح مسيحيا. قال: "إنني أعلم أن الرب سامحني على ألأشياء القاسية وألمؤلمة التي قمتُ بها هناك, لكنني أود أن أسمعها من شفتيك أيضا. هل تسامحيني وتغفري لي؟". للحظة طويلة وقفت كوري هناك. ماتت أختها الحبيبة في هذا المكان الرهيب على يد هذا الرجل, فهل يمكن لهذا الرجل أن يمحو موتها الرهيب والبطئ لمجرد السؤأل؟ بدَت اللحظات وكأنها ساعات بينما كانت تصارع أصعبَ شئ كان عليها القيام به على ألإطلاق. لكنها كانت تعرف أن المغفرة هي من أعمال ألإرادة. "وصلًت بصمت..." ساعدني يا رب يسوع! أخيرا مدًت يدها إلى اليد الممدودة إليها.
ها هي تروي ما حدث بكلماتها الخاصة, تقول: "وحين وضعتُ يدي في يده, حدثَ شئ لا يصدًق. بدأ هذا التيار في كتفي وسرعان ما نزل ألى ذراعي وإمتدً إلى أيدينا. وبعد ذلك بدأ الدفء الشافي في جسدي بالكامل وجلبَ الدموع إلى عيني". "أغفر لك يا أخي, قلتها من كل قلبي". للحظة طويلة أمسكنا أيدي بعضنا البعض, الحارس السابق والسجينة السابقة, ولم يسبق لي أن عرفتُ محبة الله العظيمة بهذا الشكل كما حدثَ في تلك اللحظات.
قد لا نعاني ما عانته كوري لكننا جميعا نواجه ظروفا تتطلب المغفرة. كيف سنستجيب؟
لماذا نحتاج ألغفران؟
نحتاج الغفران لأننا جميعا بحاجة لأن نُسامِح ونُسامَح. تتراوح ألإساءات بين غضب بسيط في الزواج إلى الخيانة الزوجية, او الكلمات التي يتفوًه بها ألآباء إلى ألأطفال مع سنوات من سؤ المعاملة. وقد تحدث هذه ألإساءات في الملعب, في المدرسة في ألعمل وحتى في الكنيسة. سواء أكان ذلك ظاهرة طفيفة من صديق أو سؤ معاملة متعمًدة, فكل شخص يواجه ظروفا تتطلب المغفرة, وكل موقف جديد يتطلب قرارا جديدا للقيام بذلك.
كثير من الناس يحملون ضغائن لسنوات طويلة في قلوبهم. قد يكونوا تعرضوا للظلم, أو أتهموا كذبا وربما عوملوا بقسوة. قد يظنون أن لديهم أسباب تسمح لهم بعدم التسامح. لكن الكتاب المقدس لا يعطي أي عذر لنا لكي لا نغفر للذين أخطأوا إلينا كما هو مكتوب في الصلاة الربانية: "وأغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا". ومع ذلك هل معرفة أننا يجب أن نسامح يجعل ألأمر سهلا؟ قد نعتقد أنه من حقنا على ألأقل أن نعلم الشخص ألآخر أنه قد أساء الينا. ربما يكون هذا ألأذى عميقا لدرجة أن المغفرة تبدو مستحيلة. لكن الرب يسوع قال: "فهكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته". (إنجيل متى ألأصحاح الثاني عشر والعدد 35 ) والطريق الوحيد هو الصلاة عندما تهيج مشاعرنا البشرية. لا, التسامح ليس سهلا ومع ذلك رفض مسامحة الآخرين يشبه ربط حبل حول رقابنا, إذا رفضنا المسامحة تشتد هذه العقدة أكثر فأكثر. ولكن عندما نغفر ونسامح يطلق سراحنا ونصبحُ أحرارا.
الغفران لا يتجاهل الماضي. علينا مواجهة هذا الماضي ونختار أن نبدأ من جديد مع الشخص الذي أساء إلينا ونترك حقنا في ألإساءة إليه بيد الله لأنه مكتوب: "لا يغلبنك الشر بل أغلب الشر بالخير". لقد ولدنا بالخطية وليس لدينا أية فرصة لدخول السماء بدون أن يغفر لنا. وحتى بعد أن تغفر ذنوبنا, نجد أنه من الضروري أن نطلب الغفران عن القرارت غير الحكيمة, والكلمات غير المناسبة, وألأخطاء التي نقوم بها في بعض ألأحيان. والروح التي لا تسامح تعيق أيضا صلاتنا. حذًرَ الرب يسوع في إنجيل مرقس ألأصحاح الحادي عشر والعدد الخامس والعشرين: "ومتى وقفتم تصلون فأغفروا إن كان لكم على أحد شئ لكي يغفر لكم أيضا أبوكم الذي في السموات زلاتكم".
أفضلُ مثال على قلب متسامح هو الرب يسوع. كان يسوع بلا خطية, أتهم كذبا وظلما وسُمٍرَ على الصليب بعد أن تعرًضَ للضرب وألإهانة والسخرية. ولكنه قال: :يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون". إذا أردنا أن نتبعه علينا أن نفعل كما فعل ونسير على خطاه.
ألرسول بطرس سأل الرب يسوع: "يا رب كم مرة يخطئ إلي أخي وأنا أغفر له, هل إلى سبع مرات. قال له يسوع لا أقول لك سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات". (إنجيل متى ألأصحاح الثامن عشر وعدد 21-22) أربعماية وتسعين مرة.
الروح التي لا تسامح وتغفر هي اداة في يد عدو نفوسنا. إنه يستخدم هذه الروح لإبعاد الناس عن الله. فلنهزم الشيطان بدل أن ندعه يهزمنا. دعونا نختار ونطلب من الرب أن يعطينا هذا القلب العطوف, المحب والمتسامح.