أصبحت إمرأة كبيرة.
في إحدى الليالي وبينما كنت ارقص في احدى صالات الرقص سمعت صوتا يدعوني من السماء يقول "يا إبنتي أعطني قلبك". لم أعرف صوت الله لاول مرة وتابعت الرقص. ومرة اخرى تكلم الصوت من السماء وشعرث كأن السماء سقطت على تلك الصالة فثقلت قدماي ولم يعد المكان جميلا امام ناظري. ومرة ثالثة تكلم الصوت ولكنه أكثر جهوريا هذه المرة "يا إبنتي أعطني قلبك". تلاشت عندئذ انغام الموسيقى من اذني وتركت الصالة. بقيت ثلاثة ايام بلياليها ابكي واصلي منتحبة اجاهد لنوال الخلاص. تلك كانت المرة الوحيدة التي شعرت بها ان نفسي لم تكن أكثر من مقبرة لعظام بشرية مائتة. كان يظهر كأنه لا أمل لي. ولكني سألت نفسي : "لماذا تكلم الله معي من السماء طالما لا يوجد لي امل بالخلاص؟".
أخيرا تذكرتُ إمرأة كنت قد سمعت أنها مسيحية, فذهبت رأسا إلى بيتها وحالما تفرست في وجهي قالت: "أنت تطلبين الخلاص". خررت على وجهي حيث كنت واقفة وصلينا معا الى الله فخلص نفسي.
لقد وجدتُ يسوع
آه. لقد كانت الراحة والسلام والطمانينة المتفجرة والمتدفقة في أعماق نفسي عظيمة حقا. وفيما كانت دموع الفرح تنهمر من عيني قلت: يجب أن أذهب واخبر الآخرين. ذهبت الى البيت حيث كانت صديقاتي جالسات الى طاولة عليها ورق اللعب بانتظاري لنلعب سوية. لكني رفعت يدي الى السماء وقلت "عني بورق اللعب. لقد وجدت يسوع الذي اشتاقت نفسي اليه منذ زمن بعيد". وعندما نظرن الى وجهي رأين نور عالم آخر يشع منه, وطرح الورق بعيدا.
ما أعظم التغيير الذي طرأ على حياتي. ذهبت الزهور وازيلت ريشات الزينة واهملت الملابس الفاخرة. لقد خرج من قلبي كل ما كنت احب من الامور العالمية. بدل كل ذلك أحببت النفوس الهالكة وبكيت من اجل أولئك الذين كنت المح الكآبة على محياهم وكثيرا ما كنت اقف لاخبرهم واعيد على مسمعهم قصة يسوع.
وعندما سمعت أن الله يقدس الى التمام, طلبت ذلك الاختبار عدة سنوات. كنت اذهب من مكان الى آخر حيث كانوا يعظون عن القداسة, وكلي استعداد للجثو على عتبة أي مذبح مهما كان وضيعا, إن كان ذلك يشبع نفسي الجائعة ويكفيها. كرٌستُ حياتي لله, آملة ان يجلب عملي هذا ذلك الشبع المنشود, ظانة أن التكريس هو القداسة. لكن وجدت انه ليس كذلك. مع أن التكريس يعني وضع الحياة بالكلية عند اقدام المسيح فان التقديس يعني أكثر من ذلك ايضا. إنه تسليم الارادة واعماق النفس لتصبح بالكلية لله من الآن والى الابد. وهذا التسليم يجلب نار الله المقدسة فيرتوي كل كيان الشخص بقوة سماوية. هل ترتاب وتشك في ذلك؟ لا تستطيع! أتبتعد أو تنفصل عنه؟ أبدا. إنه أثمن كنز بامكان حياتك أن تتمسٌك به لإنه المطهر للحياة والمحضر للنفوس للحياة الابدية. إنه الطهارة التي يطلبها الله من اولاده. وهي التي تثبت كصخر الدهور ضد جميع الامور الباطلة التي يمكن أن تسلب اولاد الله طهارتهم, لإن شعلة الحياة المقدسة تتوقد في أنسجة كيان الشخص. كم أشكر الله لإنه أعطاني هذا الاختبار.
معمودية الروح القدس
كم أشكر الله لإنه عندما سمعت عن إنسكاب الروح القدس, قادني الله الى تلك الإرسالية الصغيرة. لم تكن قاعة جميلة بل كان بناء يشبه المخزن وبه دفة خشب مثبتة على كرسيين لتستعمل كمذبح للصلاة. وكان المكان مفروش بنشارة الخشب. بينما كانت جدرانه وأعمدته مسودة من الدخان. تطلعتُ حولي لاتأكد من أن أحدا لم يرني وأنا أدخل إليه. ولكني لم ابال حينما خرجتُ حتى ولو رآني العالم كله. لقد وجدت هناك جماعة نالت نفس الاختبار الذي كنت أطلبه. "هللويا". أول هللويا سمعتها تجاوبت اصداؤها في أعماق نفسي. وعندما خرجت من هناك في ذلك اليوم شعرت بصغر نفسي والشئ الوحيد الذي كان يشغلني هو: هل بإمكاني أنا أن أحصل على نفس هذا الاختبار؟
من صباح يوم الاثنين الى الساعة الرابعة من يوم الجمعة كنت اصلي بينما اقوم بعملي وأطلب وجه الله ايضا وفي وقت واحد. كنت منحنية الراس واداوم على قراءة الكتاب المقدس. بعد ظهر ذلك اليوم من ذلك الاسبوع وفيما كنت في مكان الاجتماع وقف الواعظ وقال: "أحد الموجودين في هذا المكان يريد شيئا من الله". دفعت الكراسي من أمامي وسقطت عند المذبح. وملأني الله بالروح القدس كما حدث عندما حلٌ الروح القدس على رسل المسيح في تلك العلية. لقد ملأني الله كانت هذه هي الكلمات الوحيدة التي إستطعت أن أنطق بها. لقد حصلت على الاختبار الحقيقي. هل تستطيع أن تنكره؟ إنه سيثبت ولو واجه كل قوات الجحيم وبإمكانه أن يهدئ كل العواصف. وأزيد على ذلك أن هذا اللسان الذي لم ينطق من قبل إلا باللغة الانكليزية إبتدأ يعظم ويحمد الله بلسان آخر. تكلمتُ بالصينية. وهذا كان أجمل ما سمعته في حياتي. قوة الله هزت كياني وأنهار من الفرح والمحبة الالهية تدفقت من نفسي. ولكن الفرح الاعظم بالنسبة لقلبي كان في حصولي على القوة لاشهد للنفوس الهالكة عن محبة الله لهم.
نلتُ شفائي
كنت محطمة الجسد ولكني لم افكر مرة واحدة بشفاء جسدي الى أن عمدني الله بالروح القدس والنار. كنت ألبس النظارات منذ عشر سنوات. وقد اصيب عمودي الفقري ثلاث مرات بإلتهابات حادة وانا صغيرة السن وهذه الالتهابات أثٌرت على رأسي وعيني بشكل شديد حتى أصبحت من شدتها لا أقوى على ترك نظاراتي ولو ساعة واحدة. ذهبت بعد ظهر ذلك اليوم الى مكان الاجتماع وأخبرتهم عن الاشياء العظيمة التي صنعها الله لي وطلبت منهم أن يصلوا لأجلي. وبعد الصلاة تدفقت قوة إبن الله الشافية الى عيني ومستهما فشفيت عيني تماما.
كانت رئتاي مصابتين وأجبرني ذلك أن أعيش في جنوب كاليفورنيا. وقد شفاني الرب من ذلك أيضا. كنت نحيلة الجسم عليلته وجميع أعضاء جسمي محطمة. وعندما دفعت الثمن كاملا ببساطة الاولاد وايمانهم وصليت لإستعادة صحتي كيما اصبح شاهدة له في هذا العالم, إبتدأت سواقي الشفاء تتدفق على حياتي.
وحينما كنت أضطجع على فراشي في الليل كنت أفتح نفسي لله, وكل طريق في حياتي للجداول السموية التي كنت أشعر بتدفقها في كل أعضاء جسمي وألياف كياني. عندما كنت أستيقظ كنت اجدد تكريسي وأطلب من الله كي يختبر قلبي ويعرف ان كل حياتي بين يديه وبأن كل ما أملك وما أتوقع الحصول عليه فيما بعد جميعها في خدمته, مكرسة له كل ما يطلبه مني أثناء تكريسي العميق له كما كنت أفعل عندما كنت أطلب القداسة والإمتلاء بالروح القدس, واضعة كل شئ على المذبح لإنها جميعها أصبحت له, ولإن كل ما أعطاني ليس لي بل هو إعارة منه لي فقط "لأنه لي".
عندما كنت صغيرة السن وقعت من عربة الى الارض فسقطت على شجرة فيها جذر بارز حاد وإستلقيت هناك بين الموت والحياة. كان علي فيما بعد ان ألبس حوضا فولاذيا بأحزمة جلدية وطبق فولاذي ولم أمش بدون ذلك الطوق طيلة إحدى عشر سنة. شفاني الله ببرهة وسرت مسافة ثلاثة وعشرين مربعا تلك الليلة مشيا على ألاقدام كنت خلالها أقفز واسبح الله. حمدت الله وشكرته وأعطيته المجد لجميع حسناته لي لعدة سنوات.
كان شفاء جسدي كاملا. مرضا داخليا كان قد إعتراني قبلا وعجز الاطباء عن شفائه وقالوا إنه من الضروري إجراء عملية جراحية لذلك, ولكن هذا ايضا شفيت منه شفاء كاملا. كنت مريضة من قمة رأسي إلى أسفل قدماي ولكني شفيت شفاء تاما وأصبحت بصحة وعافية بفضل دم يسوع. لقد لمس جسدي مسيح الجلجثة وجعله صحيحا ومعافى. كم أشكره لحبه العظيم لي.
لا تخف أن تثق بالله. كلمته صادقة, إن دفعت الثمن. فإن الكلمة تعمل في حياتك للشفاء وللتقديس او لإي شئ آخر تطلبه منه.
ف.ل.ك.
فلورنس كراوفورد او الأم كراوفورد كما تدعى كلما أتى ذكرها, أسٌست كنيسة الايمان الرسولي أوائل القرن الماضي في بورتلاند, اوريغون. كرٌست حياتها لخدمة الرب وقادت الكنيسة لحين وفاتها عام ألف وتسعمائة وستة وثلاثين.